Minggu, 04 Mei 2014

المنهــــج النظرية والنموذج والتحديات


المنهــــج
النظرية والنموذج والتحديات







  دكتور/منصور أحمد عبد المنعم           دكتور/  بـهاء الدين السيد النجار
          كلية التربية جامعة الزقازيق                       كلية التربية جامعة الزقازيق


الطبعة الثانية 2008 م







الأنجلو المصرية
165 شارع محمد فريد – القاهرة





 
 





















رقم الإيداع بالهيئة المصرية العامة لدار الكتب والوثائق القومية – إدارة الشئون الفنية


20571 / 2005
 


 
























Text Box: حديث نبوي شريف
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" 
                                                       رواه مسلم


 
















































المـــــوزع
المؤلفان
ت  2364334/055























 
 










إهــــــــــــــداء
·       إلى الذين يؤمنون بجودة التعليم لأنه ليس لدينا خيار آخر.
·   إلى الذين عرفوا أن التعليم أكثر المشروعات الاستثمارية عائداً فالتزموا بواجبهم الاجتماعي نحو مجتمعهم .
·       إلى لوجينـــــــا وسلمــــــــى حبات القلوب.



















































المحتويـــات

رقم الصفحة
الموضوعــــــــــــــــــــات
15
الموضوع الأول: نظرية المنهج
69
الموضوع الثاني: بعض المفاهيم في المنهج
125
الموضوع الثالث: نماذج المنهج
185
الموضوع الرابع: تحديات المنهج والنظرية
233
الموضوع الخامس: النظرية الوجدانية
267
قائمـة المراجـع
271
قاموس الأشكال والنماذج المرتبطة بعلم المناهج



 


























 

 

 

 

 

 

 










Text Box: خارطة الجودة في توصيف المقرر
 

 


الوصف العام:
يتناول هذا المقرر الجامعي النظرية الاجتماعية عامة وفي التربية خاصة وكيف ان بناء النظرية يُسهم في بناء المعرفة وتنميتها باستمرار، ودراسة الأساس الفلسفي وعناصر المنهج من الأهداف  والمحتوى والطرق والتقويم ويتناول نماذج المنهج من حيث طبيعتها وتعرف بعض أنماط نماذج المنهج ودراستها ونقدها، والتحديات التي تواجه عملية تطوير علم المناهج بصفة عامة ومجال نظرية المنهج ونماذجه على وجه الخصوص.
الأهداف:
 التعريف بالنظرية الحديثة ونظرية التربية والمنهج وتصنيف نظريات المنهج وماهية نماذج المنهج وطبيعتها الفلسفية وبعض أنماطها وتطوير المنهج وتصميمه وتخطيطه والتعريف ببعض مفاهيم المنهج وتنظيماته.
وتعرف طبيعة النظرية الأساسية والنظرية العقلية والبراجماسية وغيرها من النظريات، وكذلك تعرف مداخل تطوير المنهج ومفهوم الجودة القومية.
المخرجات المتوقعة:
-         المقارنة بين النظريات.
-         تحديد انماط نظرية المنهج.
-         يصنف نماذج المنهج
-         يقارن بين نماذج المنهج
-         ينقد النماذج المختلفة.
-         يتعرف على بعض تحديات المنهج
الأنشطة والتعينات:
-         استخدام الإنترنت وتعرف الجهود التي تمت في مجال نظريات المنهج ونماذجه.
-         عمل نقد للنظريات والنماذج
-         تقديم نموذج مقترح للمنهج
-         عمل أبحاث حول نظريات المنهج ونماذجه.
-         إعداد أوراق بحثيه
-         التوصل إلى استراتيجية أو تصور لتطوير المنهج، في ضوء الجودة ومعاييرها.
مقدمة:
لا تكاد تخلو جلسة لأسرة عربية من الحديث عن الشعور بأزمة التعليم والمناهج وضعف القدرة على تحقيق طموحات الأفراد من هذا التعليم أو توقعاتهم.
ولذلك كان من الضرورة دفع الأفراد المهتمين بقضايا التعليم لإعادة التفكير في الواقع التربوي المتأزم وكيفية الخروج منه.
والكتاب الذي بين أيدينا يتناول موضوعاً جديداً يدور حول نظريات المنهج ونماذجه وبعض التحديات التي قد تؤثر في المنهج. ولا شك أن نظم التعليم، تتأثر بحركة التطور للفكر الإنساني والممارسات التعليمية. وتشهد البشرية اليوم ثورة في المعرفة والاتصالات لم تعهدها من قبل أثرت بشكل أو بآخر على نظم التعليم ومكوناته وعناصره في وجود تحديات تربوية سياسية واقتصادية وثقافية وحضارية وتكنولوجية.
وأكثر مناطق العالم تأثرا بتلك التحديات والتغيرات، دول الوطن العربي بما يميزها من خصائص ثقافية ودينية وتأثر موقعها بالعالم الآسيوي والعالم الأفريقي وبوابة البحر المتوسط الحضارية.
وعادة ما يكون أي نظام تعليمي أسير التراث والماضي وقوى التجديد والتغيير وتأثير عوامل داخلية وخارجية على مكوناته وعناصره.
والكتاب الذي بين أيدينا يتوقع أن يساعد القارئ على تكوين رأي ناقد وتبني وجهة نظر لنظريات المنهج ونماذجه وطبيعة المعرفة وكثير من القضايا التربوية التي تشغلنا.
وبقدر جهود التطوير وعمليات المخاض الفكري لمجال المناهج، بقدر التوصل إلى نظريات ونماذج للمنهج تسهم في تجويد الممارسات التعليمية في المدارس وداخل فصول الدراسة.
وقد أدى تدني المستوى التعليمي والآداء التربوي للمناداه بضرورة البحث عن استراتيجية لإعادة تحقيق الجودة لمواجهة التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية والأيديولوجية لمجتمعاتنا العربية وكذلك المنافسة العالمية.
لقد تزايد في الآونة الأخيرة في المجتمعات العربية – بصفة خاصة – إيمان بأهمية التربية في إحداث التطوير والتنمية في المجتمع وضرورة عودة دور المدرسة كأداة في صنع التقدم والتطوير، ويتبادر إلى الذهن التساؤل التالي:
كيف تسهم نظريات المنهج ونماذجه في تطوير الممارسات التعليمية.
وخطة هذا الكتاب تسير على النحو التالي:
الموضوع الأول: عن النظرية الاجتماعية ونظرية المنهج، الموضوع الثاني: بعض المفاهيم المرتبطة بالمنهج المدرسي، والموضوع الثالث: نماذج المنهج، والموضوع الرابع: بعض تحديات المنهج والنظرية، والموضوع الخامس: خصص لتقديم مثال للنظرية الوجدانية، ثم قائمة مراجع مع تزويد القارئ بقاموس للأشكال والنماذج المرتبطة بعلم المناهج.
ونظرا لأن مجال نظريات المنهج ونماذجه يتسم بندرة الكتابات فيه، نأمل أن يكون هذا الكتاب محاولة على الطريق.
والله من وراء القصد،
الزقازيق في نوفمبر 2008م
المؤلفات
أ.د. منصور أحمد عبد المنعم
أ.د. بهاء الدين السيد النجار

 



























الموضــوع الأول

نظرية المنهج















































النظرية الاجتماعية الحديثة
من أهم النقاط التي يجب أن نوردها هنا، هو استحالة وجود نظرية شاملة يمكن أن تفسر جوانب الحياة الاجتماعية وخصوصا تفسير مكونين أساسيين من مكونات الحياة الاجتماعية وهما (البنية والفعل البشري). ونقصد بالنظرية الاجتماعية الحديثة فترة منذ الحرب العالمية الثانية إلى وقتنا الحاضر (ق 21).
أن كلمة نظرية تثير لدى البعض التفكير والتصورات والخوف من المقصود بمعنى كلمة نظرية، وهذا أمر له ما يبرره بسبب أن كثير من النظريات الاجتماعية صعب فهمه وهي تحتاج إلى جهد مضني حتى من المتخصصين من طلاب الدراسات والعلوم الاجتماعية للوصول إلى فهم متواضع.
ونحن عادة ما نلجأ إلى النظرية بسبب ما نواجهه من قضايا في حياتنا اليومية ونحتاج إلى فهم ما يجرى حولنا للآخرين ولأنفسنا. وفهم النظرية مسألة تتعلق بتعلم التفكير نظريا أكثر منها بتعلم النظريات ذاتها.
وتحتاج النظرية إلى نموذج إرشادي Paradigm (أو نماذج) يعطينا إطاراً عاماً ومؤشرات تدل على ما يجب أن يكون عليه شكل ذلك الواقع، وهذا ما دعا البعض للقول بأن من يعمل في مجال دراسة النظرية الاجتماعية فكأنما يشق طريقه في الغاب.
وهناك بعض الأمور المهمة في مجال دراسة النظرة الاجتماعية نوردها على النحو التالي:
أولاً: أن التجربة الشخصية للمُنظر الاجتماعي في الحياة تتسرب إلى نظرتين وتعميه عن رؤية بعض الجوانب.
ثانياً: البعد العاطفي، إذ تجسد النظرية خبرات المنظر ومشاعره.
ثالثاً: البعد التأملي لأن النظرية الاجتماعية تعكس بعضاً من الواقع الذي نعيشه مثل تسارع معدلات التغير وبالذات التغير التقني وعمليات الحراك الجغرافي والاجتماعي وتغير بنية المهن وتعدد الأدوار وسرعة تغير تلك الأدوار وأصبحت كثير من الأمور خارجه عن سيطرتنا.
رابعاً: البعد المعياري ويقصد به افتراضات عما يجب أن يكون عليه شكل ذاك الواقع. وفي هذا البعد جانب مهم وهو مرونة النظرية فبعض النظريات تسلك مسالكا غير مسالكها الأصلية والنظرية الماركسية دليل على ذلك.
خامساً: أهمية المصطلحات المستخدمة في مجال النظريات الاجتماعية والبحث عن نظرية. النظريات الكلية (Holistic) التي تبدأ بالمجتمع والنظريات الفردية (individualistic) تبدأ بالأفراد ويُرى المجتمع كنتاج لأفعالهم.
إن النظرية الاجتماعية لا تتكلم عن العمليات والصراعات والمشكلات الاجتماعية فقط فهي جزء من تلك العمليات والصراعات والمشكلات.
وكما أن النظرية تهتم بالتشابه بين الظواهر فهي تهتم كذلك بالاختلاف أيضاً والسؤال هنا كيف يمكننا معرفة ما إذا كانت نظرية ما صائبة أم خاطئة؟. لكننا نستطيع التمييز بين تفسير أكثر كفاية أو أقل كفاية تقدمه هذه النظرية أو تلك.
والنظرية الأفضل هي التي باستطاعتها أن تحدد العمليات السببية الفاعلة والمواقف التي تعمل فيها الآليات السببية. والنظرية التي تناقض نفسها يُنظر إليها بعين الريبة. والملاحظ أن النظرية البنائية الوظيفية لبارسونز، سيطرت في الولايات المتحدة حتى الستينيات من ق 20. وخلال هذه الفترة ظهرت كذلك مدارس متعددة تركز على فهم العالم الاجتماعي.
وتتفق الوظيفية البنائية ونظرية الاختيار العقلاني، والتفاعلية الرمزية، ومنهجية النظام الاجتماعي في فرضية أساسية وهي: أن أنسب موضوع لعلم الاجتماع هو دراسة الفعل الاجتماعي. تعميم أوصاف الفعل الاجتماعي على أوصاف البنية الاجتماعية هو مجال نظريات الفعل أما النظرية البنيوية فهي تعمم تفسيرات البنى الاجتماعية.
نظريات الفعل الاجتماعي
نقصد بنظريات الفعل الاجتماعي ما يطلق عليه بنظريات الأفراد أو الفاعلين.
اشتهر تالكوت بارسونز بالنظرية الاجتماعية منذ فترة الحرب العالمية الثانية وحتى فترة الستينيات من ق20 ويرى البعض أن نظرية بارسونز تطورت كرداً على تحديات النظرية الماركسية. رغم أن البعض رأى تعقيداً في نظرية بارسونز الذي وافته المنية عام 1979. والحقيقة أن بارسونز جمع في نظريته بين النظريات الكلية (المجتمع) وبين النظريات الفردية (الفرد) والمتعلقة بالفعل الاجتماعي متأثرا في ذلك بأفكار اميل دوركايم وفيبر على التوالي، وهؤلاء جميعا أخذوا أفكارهم من أفكار ابن خلدون.
وهذه النظريات جميعاً إما تنطلق من الفرد أو تنطلق من الكل الاجتماعي (المجتمع) وهم معنيون بالمعاني ودراسة الأفكار والأفعال أي دراسة الأشخاص.
ويرى تالكوت بارسونز الحياة الاجتماعية من خلال أفكار البشر ومعاييرهم وقيمهم واهتم في ذلك بتفسير الرموز والمعلومات. كما يرى انتظام أفعال الأفراد وفق نسق من الأفعال واشتهرت نظرية بارسونز بالتركيز على الأنساق (النسق الاجتماعي والكائن العضوي).
والاختبار الأول للنظرية في نظر بارسونز هو تماسكها المنطقي، وعنده أن الحياة الاجتماعية منتظمة بطريقة منطقية عقلانية رغم الظواهر التي قد تدل على عكس ذلك.
ونقطة البدء في نموذج بارسونز الهائل تتكون من وحدة الفعل الصغرى الفاعل، والوسائل والغايات، والبيئة، فضلاً عن المعايير والقيم. ولا يهتم بارسونز فقط بفعل الفرد ولكن أنساق هذا الفعل ويتكون النسق أو النظام عند بارسونز من العلاقات القائمة بين الفاعلين.
ويتكون النسق عنده من * النسق الاجتماعي
  * ونسق الشخصية (القيم وأدوار المكانة والمعايير)
  * والنسق الثقافي (البيئة المادية للمجتمع)
  * والنسق العضوي
وتشتمل هذه الأنساق بدورها على أنساق أخرى مثل النسق السياسي، النسق الاقتصادي، نسق التنشئة الاجتماعية، نسق الإنتاج، نسق التنظيم، وهكذا أنساق داخلها أنساق وهذا ما جعل نظرية بارسونز معقدة ومركبة بشدة.
وما يحفظ هذه الأنساق في تفاعلها مع بعضها وجود متطلبات أربعة هي:
1-    التكيف للنسق مع بيئته.
2-    لكل نسق أدوات يحرك بها مصادره وتسميها الأهداف وتحقيقها.
3-    التكامل بين مكونات النسق ووحدته وتماسكه.
4-    محافظة النسق على حالة التوازن فيه.
ولذلك نقول أن بارسونز يعتمد في تحليله على علم السبيرنطيقا أي الأنساق أي أن كل نسق يُسيره هذا النسق الفرعي وهكذا. فالأنساق الفرعية الدنيا تدفع بالطاقة عبر النسق العام وتقوم الأنساق الفرعية الأعلى الموجهة بتمرير المعلومات إلى أسفل ثانية (مزود طاقة – مزود معلومات). وهذا يجعلنا نقول أن بارسونز يقدم نظرية تنطلق من المماثلة مع الكائن الحي في الطريقة التي تنقسم بها الخلية الحية وتتكاثر. ويضرب هو مثالا لذلك بتحول مجتمعات زراعية إلى مجتمعات صناعية؟ فبينما كانت الأسرة هي وحدة الإنتاج في المجتمع الزراعي أصبحت أسيرة المنزل في ظل المجتمع الصناعي وأصبحت مسئولة عن التنشئة الاجتماعية وبذلك انفصل النسق الاقتصادي عن نسق التنشئة الاجتماعية عندما انتزعت وظائف الأسرة الاقتصادية. 
ومع تغير المجتمع العالمي سوف تتغير الأنساق ووظائفها وسوف يعاني الشباب من الضغوط الناجمة عن هذه التغيرات واضطراب القيم وسوف يزيد أهمية التدريب والتعليم اللذان سوف يأخذان وقتا أطول عن ذي قبل.
إن النظريات الاجتماعية الأخرى التي ظهرت هي عبارة عن تجزآت للنسق النظري لفكر بارسونز. وفي ظل فكرة الأنساق قد نقول أن المجتمعات الصناعية الحديثة تحتاج إلى نظام تعليمي متطور، إلا أن مجتمعات تبدو على نفس المستوى مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا لها أنظمة تعليمية متباينة وعليه فالحاجة يمكن تلبيتها بعدة طرق.
إن المعاني التي تكلم عنها بارسونز في نظريته هي المعايير والقيم والتي على أساسها ينتظم الفعل والنسق الاجتماعيان وهناك مثال: أن الناس يذهبون إلى العمل ليس انصياعاً لمعايير النسق الاجتماعي وقيمه التي ترى في العمل فضيلة بل لأن هؤلاء لهم مصلحة مادية أدناها إتقاء الجوع: لماذا تعمل أنت؟ ولماذا أعمل أنا؟ فكر في هذا.
وفي ضوء ما سبق يمكن القول أن بارسونز كان ذو نزعة (حتمية ثقافية) في مقابل ماركس صاحب النزعة الحتمية الاقتصادية.
نظرية الاختيار العقلاني لجون إلستر Jon Elster
ميز فيبر بين أشكال أربعة للفعل:
1-    الفعل التقليدي.
2-    الفعل العاطفي.
3-    الفعل الموجه نحو غاية عليا.
4-    الفعل الموجه نحو هدف عملي دنيوي (وهو الفعل العقلاني) وهو الفعل أيضا المرتبط بتطور الرأسمالية وانتشار الصناعة.
وهذه النظرية تشبه إحدى المدارس الماركسية التي آمنت بالاختيار الحر العقلاني وهي تتضمن جانباً نفعياً (فأنا أختار ما يجلب لي أكبر درجة من الإشباع أو المنفعة) وتفترض أن رغبات الفرد ومعتقداته هي مبررات فعله.
وقد ترعرعت ماركسية الاختيار العقلاني في السبعينات من ق 20 وهي استجابة للسوق الحرة في الثمانينات منه وما تبعه من أشكال الاستغلال. وقد رأى البعض من الكُتّاب أن نظرية الاختيار العقلاني تعتبر نظرية خاصة وليست عامة فهي تتعامل مع أفعال في سياقات معينة وفقاً للاختيارات محددة.
على الرغم أن هذه النظرية (الاختيار العقلاني) لا تفترض أن جميع أفعال البشر أفعال عقلانية، إلا أننا حينما نحاول فهم الفعل الإنساني ينبغي أن نعطي الأولوية للتفسير والنموذج العقلاني.
وهناك من يقدم العاطفة كدوافع أخرى للفعل مع الدافع أو الاختيار العقلاني باعتبار ذلك ما يميز السلوك البشري.
ومما يوجه من نقد لتلك النظرية، أنها خاصة تتعامل مع الفعل في ظروف معينة وقد أشار ألستر (1989) إلى أن المعايير الاجتماعية تمنح نوعاً من الدافعية للفعل وهذه الدافعية لا يمكن اختزالها إلى العقلانية.
والخلاصة أن نظرية الاختيار العقلاني يمكن دمجها في نظرية بارسونز.

نظرية التفاعلية الرمزية:
من رواد هذه النظرية روبرت عزرا بارك (1864 – 1944) ووليم إسحاق توماس (1863 – 1947). واعتمدت هذه النظرية على المدرسة الفلسفية النفعية وهي مدرسة أمريكية اهتمت بالبحث التجريبي ويعتبر مُنظرها جورج هربرت ميد.
وهذه النظرية أقرب لنمط الحياة الأمريكية بتأكيدها على المساواة، حرية الفرد، الحراك الاجتماعي.
وتقوم النظرية التفاعلية الرمزية على فرضيات هي:
1-    أن البشر يتصرفون حيال الأشياء على أساس ما تعنيه تلك الأشياء لهم.
2-    هذه المعاني نتاج للتفاعل الاجتماعي.
3-    هذه المعاني يتم تحويرها وتعديلها من خلال عملية تأويل وتعامل مع إشارات.
وهذه الفرضيات تتطابق مع كتاب جورج هربرت ميد عن العقل والذات والمجتمع. ومن وجهة نظره أن الفرق بين الإنسان والحيوان في استخدام اللغة والرمز الدال. واللغة والرمز الدال هو المعنى المشترك بين إنسان وإنسان ويتطور في سياق عملية التفاعل، والتفاعل الاجتماعي يولد المعاني.
ومن النقد الذي يوجه للنظرية التفاعلية الرمزية، إغفال الجوانب الأوسع للبنية الاجتماعية فهي لا تستطيع قول أي شئ عن ظواهر كالقوة، والصراع، والتغير كما يوجه إليها أيضاً نقد في أنها تقدم صورة ناقصة عن الفرد وأن التفاعلية الرمزية لا يمكنها فهم العواطف. ولكن تبقى التفاعلية الرمزية منظوراً معرفياً في دراسة الشخصية ويظل مركز الاهتمام فيها دراسة التفكير وعملياته فنحن نفهم البشر حينما نفهم ما يعتقدون أنهم يعرفونه عن العالم أي نفهم معانيهم ومفاهيمهم عن أنفسهم.
النظرية القائمة على الفلسفة الظاهراتية:
يرى البعض أن النظرية الوظيفية البنائية جاءت منفصلة عن نبض الحياة اليومية، لذلك جاءت النظرية القائمة على الفلسفة الظاهراتية التي تقوم على أن المعرفة العلمية أصبحت منفصلة عن الحياة اليومية ولذلك كان لابد من إعادة تلك المعرفة إلى جذورها وأصلها إلى خبرة الحياة اليومية.
وتقول نظرية الفلسفة الظاهراتية بأن العالم الخارجي لا معنى له إلا من خلال وعينا به ولذلك يراها البعض نظرية معرفة وينشغل المهتمين بها بأمور مثل العواطف والتخيل والهلوسة.
نظرية التشكيل:
نظرية التشكيل عند أنتوني جدنز هي دراسة لتاريخ العالم، ويرى البعض أن نظرية التشكيل هذه يجب أن توضع في مصاف الوظيفية البنائية.
ويرى أنتوني جدنز أن المجتمع ينتجه ويعيد إنتاج فعل البشر ويعرف البنية على أساس أنها (قواعد ومصادر) وأن البنية تتكون بفعل نشاطنا اليومي المعتاد.
واهتم أنتوني جدنز بالتنشئة الاجتماعية وقال أنها مدرسة فيها منهج خفي يتعلمه الناس أثناء نموهم.
ويرى جدنز أن مفهوم المؤسسة لا يعني جامعة مثلا ولكن شئ مثل الزواج. ويتفق مع بارسونز في النظرة إلى المجتمع وعلى الرغم أنه رفض فكرة الأنساق ولكنه ناقشها وفي النهاية نجد اتفاق بينه وبين بارسونز وماركس، ويرى أن علم الاجتماع الحضري هو مركز علم الاجتماع.
النظرية البنيوية :
وقد سادت خلال فترة الستينيات والسبعينيات من ق 20 وظهرت أول ما ظهرت في فرنسا ثم انتقلت بعد ذلك إلى بريطانيا وأمريكا وترتبط النظرية البنيوية بنظرية الملكات العقلية وبمدرسة علم اللغة البنيوي والمدرسة الروسية في النقد الأدبي، وفكرة وجود المجتمع باعتباره كياناً مستقلاً عن أفراده.
تعتبر البنيوية كل النتاجات الإنسانية أشكالاً لغوية وهو ما أطلق عليه (الأفكار العامة). والبنيوية مهمة لأنها تعتبر منهجاً بإمكانها أن توصلنا إلى معرفة معينة، وهي ترتبط بمجموعة من الفرضيات الميتافيزيقية المتعلقة بطبيعة العالم والتي لا يمكن البرهنة عليها ولذا يتعين التسليم بها وهي:
*  العالم باعتباره نتاجاً للأفكار.
وهذا الرأي يستمد جذوره من فلسفة أوجست كانت وليس بالضرورة إثبات النظرية البنيوية عن طريق اختبارها لأن النظريات هي التي تنتج عالمنا فما الذي يدعو لاختبارها على محك الواقع.
*  العالم بوصفه نمطاً منطقياً.
تركز النظرية البنيوية على الترتيب المنطقي أو على البنية الكامنة في المعاني العامة.
*  موت الذات.
ويقصد بالذات الفاعل والفعل والأشخاص. فنحن مقيدون بأفكارنا وهي تمنعنا من الخوض في أمور معينة بل ربما أرغمتنا على قول مالا نعنيه.
والنظرية البنيوية تعطي أهمية للعلاقات الرابطة على عكس نظرية الفعل التي تنظر إلى النسق من حيث عناصره وليس علاقاته. وتهتم البنيوية بالمستوى الكامن في التفسير عندما نقارنه بالمستوى السطحي.
وأصحاب النظرية البنيوية يفترضون أن العالم الخارجي محكوم بالكامل بواسطة بنية الأفكار. ولذلك نقول أن البنيوية جزءاً من النظرية الاجتماعية، ولكن تلعب الفرضيات الميتافيزيقية دوراً كبيراً فيها (أقصد البنيوية).
نظرية ألتوسير الاجتماعية:
قضى ألتوسير فترة من حياته مصابا بالهوس الاكتئابي وفي آخر حياته كان في مصح عقلي وهو يرى أن مصطلح الممارسة يشير إلى الفعل الإنساني وتتكون من عناصر ثلاثة هي (المادة الخام – وسائل الإنتاج وقوة العمال والآلات – البضاعة المصنوعة) ونموذج الممارسة عنده الممارسة الاقتصادية.
والفاعل عنده، القوة التي تحرك الأشياء المادية. وقسم المجتمع إلى مستويات (فكرة المستويات بدلاً من الأنساق) – المستوى الاقتصادي والسياسي والأيديولوجي. ومن وجهة نظره تتكون كل المجتمعات من هذه المستويات وهي تكون معا التشكل الاجتماعي أي بنية البنى.
وعلى الرغم أن التوسيد من معتنقي الماركسية إلا أنه وقف موقفاً مضاداً للماركسية المتشددة. وقد تعود الماركسية للنظر إلى أن الاقتصاد هو الكرة التي تدفع المستوى السياسي والمستوى الأيديولوجي. ويرى التوسيد بضرورة تحليل ودراسة العلاقات لهذه المستويات الثلاثة فهي ليست بنى بسيطة التركيب. وكل مستوى له وجود حقيقي مستقل ويرتبط بغيره من المستويين بطرق شتى أو معقدة. وما يجرى داخل مستوى ليس بالضرورة محكوما بما يجري في المستوى الآخر وسمى ذلك الاستقلال الذاتي السببي.
أن المجتمعات المختلفة تسود فيها مستويات بنيوية مختلفة، وهذا يعني أنه في التطور الداخلي اليومي لمجتمع من المجتمعات يصبح واحداً أو أكثر من المستويات هو الأهم. فقد يأتي المستوى الاقتصادي هو الأهم وقد يأثر المستوى السياسي وقد يأتي المستوى الأيديولوجي (مثال التناقضات التي حدثت في المجتمع الشيوعي وأدى إلى تفتيته).
وقد يرى البعض أن المستوى السياسي هو السائد في المجتمعات الرأسمالية. ولكن مهما يكن من أمر فإن المستوى الاقتصادي وبنيته هي التي تحدد أي المستويات هو المستوى السائد. وقد يكون أحد المستويات مسيطرا ثم يتنازل عن سلطته ويمنحها لواحد من المستويين الآخرين. ويعتبر فردريك إنجلز الزعيم الثوري الألماني وكارل ماركس رفيق الدرب هما أساس ما سمي فيما بعد بالنظرية الماركسية.
نظرية يورجن هابرماس:
وضع نسقاً تحليلياً شبيهاً بعض الشيء بنسق بارسونز النظري واهتم بفكرة انفصال البنية الاجتماعية عن الفعل الاجتماعي والحقيقة أن معيار اختيار النظرية هو مبلغ إحاطتها بالظواهر فبعضها أكثر شمولاً من غيرها.
ومما هو جدير بالذكر هنا أن مفهوم الكل هو أهم مفهوم في النظرية الماركسية التي تأثر بها يورجن هابرماس. كما أن مفهوم الممارسة Praxis لا يشمل المعاني فحسب بل أيضاً علاقاتنا العملية بالطبيعة (أي تشمل العمل).
ويعتبر هابرماس الوريث الرئيسي لمدرسة فرانكفورت، فهو يركز على تحليل الفعل والبنى الاجتماعية محاولاً الوصول إلى شيء شبيه بالنموذج التحليلي.
ولا جدال في انتماء هابرماس إلى اليسار على الرغم أنه ينقد الماركسية ويعود إلى الكثير من أفكار بارسونز ولكن هابرماس يتمسك بتصور يزاوج بين البنية والفعل في نظرية كلية موحدة. وقال أن سوء الفهم وارد بين البشر ويمكن خداعهم وتضليلهم بشكل منظم وهذا يعتبر تشويه أيديولوجي. وهو يتخذ نمو الإنسان نموذجاً للتحليل الاجتماعي. والرأسمالية عنده تعتبر نسقاً اجتماعياً وهو يرى أن الرأسمالية الحديثة تتميز بهيمنة الدولة على الاقتصاد وعلى المجالات الأخرى للحياة الاجتماعية.
النظرية في التربية
تأثرت النظرية في التربية، ومن ثم النظرية في المناهج بمجال أكبر وهو علم الاجتماع الذي أبدى علماؤه وعياً عميقاً بأهمية النظرية في علم الاجتماع بدءاً من النظرية الاجتماعية الكلاسيكية وبداية الانتفاضة عليها، وظهور التحليلات النقدية الحديثة، وظهور الاتجاهات الفكرية الجديدة التي أكدت أهمية الطابع الإنساني.
ومن نظريات علم الاجتماع الشائعة في الكتب والمراجع المختلفة، الماركسية كنظرية اجتماعية والتي جمعت تركيبه من الفلسفة الألمانية المثالية ومن الاشتراكية الفرنسية ومن الاقتصاد السياسي الإنجليزي
وتستنــــــد نظرية ماركس على الدور الذي يمكن أن تلعبه طبقة البروليتاريا، ومعالجة النظرية لقضايــــــــــا التغير الاجتماعي والبناء الطبقي والإيديولوجيا الاشتراكية. وقويت نظرية ماركس وفلسفته في المجتمعات التي تزايدت فيها الحركات العمالية. واعتبر البـــــــعض نظرية ماركس مرفوضة لارتباطها بعناصر الديكتاتورية والشمولية (كما كان الحال في الاتحاد السوفيتي).
حدث هذا في مقابل النزعة الإمبريقية التي سيطرت على تطور النظرية في علم الاجتماع التربية وفي مجال المناهج، في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية خلال منتصف ق 20.
وارتبطت النظرية في علم الاجتماع في أوربا الغربية بفترة انتعاش الوظيفية كاتجاه فكري ذي صبغة علمية جاء للدفاع عن النظام الرأسمالي وتبريره. ومؤدى الوظيفية أن كل شئ يمكن النظر إليه باعتباره نسقاً يتكون من أجزاء مثل الكائن الحي. والفكرة الثانية التي تقوم عليها الوظيفية أن لكل نسق احتياجاته الأساسية التي لابد من الوفاء بها، والفكرة الثالثة أن يكون النسق في حالة توازن، والفكرة الرابعة أن كل جزء من أجزاء النسق يمكن أن يكون وظيفي نافع للنسق ويمكن أن يكون ضار للنسق (مثال وظيفة الأسرة بالنسبة للمجتمع).
وتعتبر فترة ستينيات ق 20 فترة الاهتمام الموضوعي بالفكر الماركسي. وقبل فكر ماركس تبنت بعض المجتمعات تصور ذري جزئي للمجتمع بمقتضاه يكون الفرد منفصلاً عن الجماعة برغم عضويته فيها.
وتلك النظريات التي سبقت ماركس اتخذت من الفرد نقطة إنطلاق (نظريات برجوازية).







فكر ماركس وهيجل                                الفكر الرأسمالي والبرجوازي (الوظيفية)









وقد ثار جدل حول قضية النسبية داخل النظرية الاجتماعية أي رفض فكرة المماثلة بين مناهج كل من العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية لأن العلوم الاجتماعية تعالج ظواهر مثالية لا تتكرر بسبب تفردها (كالقيم والمعتقدات والمثل).
ومن الجدير بالذكر إن نظرية ماركس  استندت إلى مبادئ جدلية مادية واضحة. وكانت هناك في ألمانيا نظرية تقوم على الفلسفة المثالية وهي تعارض نظرية ماركس المادية، وتنظر المثالية إلى الواقع الإنساني على أنه شئ ظاهر يتسم بالمرونة والتبدل والتحول المستمر، بينما نظرت الماركسية إلى الواقع الإنساني على أنه نتاج اجتماعي لنشاط الإنسان وقدرته على تشكيل العالم من خلال مصالح اقتصادية وسياسية معينة.
أن معظم المفكرين الذين يصوغون نظريات عن المجتمع الإنساني إنما يتبنون موقفاً معيناً يتصل بنشاطاتهم ومصالحهم. من جانب آخر تكلم عالم الاجتماع الأمريكي جورج هربرت ميد عن النظرية الاجتماعية من وجهة نظر السلوكية الاجتماعية (أي اعتبار السلوك الموضوع الأساس لعلم الاجتماع). وبدأ أصحاب هذا الاتجاه يرفضون الكيانات الاجتماعية الكلية كوحدة للتحليل الاجتماعي (المجتمع الإنساني) وركزوا على السلوك بوصفه وحدة التحليل.
والحقيقة أن المتتبع لتطور النظرية في مجال علم الاجتماع أو التربية يلاحظ أن النظرية الاجتماعية وتفسيراتها المختلفة تستخدم لتبرير أو تفسير الدعاية لفكره أو أفكار معينة أو التأثير على الأفراد والمجتمعات لتحقيق المسايرة أو المغايرة الاجتماعية إن صح التعبير. ((مثال ذلك ما حدث في ستينيات ق 20 في المجتمع الأمريكي وتزايد قوة الاتجاه النقدي لعلم الاجتماع ودوره المحدود في تغيير النظام الاجتماعي))
إن قدرات الإنسان غير محدودة، والواقع دائم التغير ولا يتسم بالسكون أو الثبات، ودائما توجد المصالح المتعارضة والمتضاربة داخل المجتمع، وعلينا ألا نقف عند حد وصف الواقع ولكن تقديم أساليب عملية لتغيير المجتمع إلى الصورة المثلى. وهذا محور النظرية الراديكالية التي تبناها بعض علماء علم الاجتماع البريطاني الذين يُعتبرون جزء من اليسار الجديد في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والبرازيل، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.
وعلى ذلك فإن التربية قد تأثرت بالنظرية الاجتماعية والفكر الأيديولوجي السائد سواءا في بعدها النظري أو في الممارسات التربوية داخل الفصل والمدرسة.























نظرية المنهج
النظرية عبارة عن بناء عقلي لمجموعة من المفاهيم المرتبطة بظاهرة معينة أو مجموعة من المسائل مثلما نقول نظرية القيم أو نظرية المعرفة أو نظرية الفئات في مجال الرياضيات.
وفي مجالات مثل الفيزياء وعلوم الفلك فإن النظرية تشير إلى فرضية ثبت صحتها عن طريق المشاهدة أو مجموعة فروض ترتبط منطقيا مع بعضها. والفرض تخمين ذكي يفيد في حل المشكلات.
ومجموعة القوانين تشكل النظرية، وتتكون النظرية من الآتي:
1 حقائق مفاهيم متغيرات.
2 نظام من العلاقات.
3 المصطلحات وتعريفها.
وهناك قواعد ينبغي مراعاتها عند الاهتمام بمفهوم النظرية مثال هذه القواعد:
( أ ) المصطلحات الفنية وتحديدها لأنها موجهات العمل في النظرية.
( ب) تحديد المفاهيم والمسلمات والفروض وهي من الأسس المكونة للنظرية.
(جـ) وصف العلاقات بين أجزاء النظرية.
ومن الضروري أن ترتبط النظرية بالواقع الحقيقي فإذا إتفقت معه وعكست هذا الواقع أصبح هذا دليلاً على صدق النظرية وإذا ثبت عدم صحة ذلك فإن النظرية تصبح غير نافعة أو صالحة.
ومن ثم ينبغي أن تخضع النظرية للمراجعة في ضوء عوامل الواقع ومتغيراته بهدف استمرار بقاء النظرية أو تعديلها أو إلغائها.
ومن الوظائف التي تحققها النظرية الآتي:
الوصف
التنبؤ
الشرح والتفسير
كما أن النظرية تقوم بوظيفة مهمة ألا وهي مساعدة الفرد في حل مشكلاته ولكن ينبغي في هذا أن توافق تفسيرات النظرية وشروحها معتقداتنا.
خطوات بناء النظرية:
1-  المصطلحات الفنية حيث إنها أدوات التفكير والاتصال في مجال من مجالات المعرفة المختلفة فالمصطلحات الفنية في التربية تختلف عن المصطلحات الفنية في مجال مثل الكيمياء أو علم الفلك وهكذا. والمصطلحات الفنية قد نعرفها اسميا بشكل عام وقد تعرف بشكل إجرائي بمعنى وصف الظروف التي يستخدم في ضوئها المصطلح لذلك فالأخيرة أكثر تعقيدا من الأولى الاسمية. وتعريف المصطلحات الفنية يعتبر أمرا هاما وضروريا لأنه يساعد في تحديد حدود المادة، كما أن الاستخدام الصحيح للمصطلحات يساعد وييسر عملية التفسير والتنبؤ.
2-     تضيف الحقائق والتعميمات وأجزاء النظرية في مجموعات متجانسة وعمل العلاقات بينها بهدف الوضوح والفهم.
3-  الاستدلال للوصول إلى تعميمات أكبر، مثال أن يلاحظ شخص بأن كل النبات له ساق وأوراق من خلال جملة مشاهداته وملاحظاته، فيستدل من ذلك بأن كل النباتات لها ساق وأوراق والاستنتاج هو العملية التي يتوصل من خلالها الشخص إلى نوع من العموميات في ضوء عناصر فرعية.
4-  الاستنباط. ويقصد به الوصول من المعلوم إلى ما ليس معلوم بمعنى الوصول من خلال ملاحظات معينة إلى تعميم. أو طرح فروض يمكن من خلالها التوصل إلى فروض جديدة لم تكن محددة من قبل. ولذلك فهو يعتبر عملية هامة للوصول إلى النظرية والاستنباط يحتاج إلى البحث. والبحث عملية مهمة في تطوير النظرية وذلك من خلال الاستفادة من نتائجه. وكلما كان البحث جاد كلما ساعد ذلك في صدق النظرية.
5-  النماذج. النموذج عبارة عن تمثيل ظاهرة معينة في الواقع وهو يساعد في شرح الحقائق وتوضيح المعلومات والتعبير عن العلاقات المتضمنة في الظاهرة. ولذلك نقول بأن النموذج مرحلة للوصول إلى نظرية. ومن أنواع النماذج المعروفة، النموذج القياسي يمكن من خلاله قياس مدى صدق النظرية، والنموذج الشكلي الذي يتكون من مجموعة من الرموز تعبر في مضمونها عن النظرية، والنموذج التفسيري وهو يساعد في تفسير النظرية.
6-     النظريات الفرعية. قد ينبثق عن النظرية الأم نظريات فرعية تساعد على التفسير لكثير من العلاقات الخاصة بالنظرية الأم.
ويقصد بنظرية المنهج مجموعة من العبارات المرتبطة التي تعبر عن المنهج من حيث عناصره وتصميمه واستخدامه وتقويمه وتطويره وطبيعة العلاقات والتفاعلات بين عناصر المنهج المختلفة.
والمتتبع للكتابات في هذا الشأن يلاحظ أن نظريات المنهج قد تعددت وذلك بتعدد الفلسفات التي تقوم عليها تلك النظريات.
والمتتبع لأدب مجال المناهج يجدها تدور حول اتجاهات ثلاثة:
الاتجاه الأول: المنهج المتمركز حول المادة الدراسية.
الاتجاه الثاني: المنهج المتمركز حول الطفل.
الاتجاه الثالث: المنهج المتمركز حول المجتمع.
والاختلافات بين هذه الاتجاهات يتركز في النظر إلى طبيعة التفاعل بين عناصر مدخلات المنهج وأبعاده ونوع المخرج التعليمي أو الناتج التعليمي. كما أن سبب الاختلاف بين هذه الاتجاهات يرجع إلى طبيعة الفكر والفلسفة التي يستند عليها كل اتجاه، هذا من جانب، وإلى اختلاف النظرة لكل من:
( أ ) طبيعة الفرد.
( ب) طبيعة المعرفة.
(جـ) طبيعة المجتمع.
وعلى الرغم من التباين والاختلاف بين هذه الاتجاهات ومن ثم نظريات المنهج، إلا أن هذا الاختلاف قد يساهم في تطور الفكر الإنساني والفكر التربوي ويساهم في بناء التراث التربوي.
وعلى ذلك فالمنهج هو كل تعلم مخطط وموجه بواسطة المدرسة سواء يتم في مجموعات أو فرديا داخل المدرسة أو خارجها. والملاحظ أن كلمة منهج قد استخدمت استخدامات عدة فالبعض نظر إليها على أنها خطة والبعض الآخر نظر إليها على أن المنهج وثيقة مكتوبة، والبعض ينظر إلى كلمة منهج إشارة إلى البرنامج التعليمي، وهناك من يرى المنهج أنه كل العمل المدرسي أو جزء منه.
وكل منهج يتضمن مجموعة من العمليات مثل تحديد مجال المنهج، تحديد الأشخاص المشتركين في صنع المنهج، كتابة المنهج، تنفيذ المنهج وتقويمه، ثم تطوير المنهج.
تطور الاهتمام بنظرية المنهج
المرحلة الأولى يمكن النظر إليها خلال الفترة من 1918 1950. والمرحلة الثانية من 1950 وحتى نهاية الثمانينات من القرن العشرين. والمرحلة الثالثة التي مرت بضع سنين على بدايتها وشملت نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين ولازلنا فيها......

في الفترة من 1918 1950 :
رأى كتاب هذه المرحلة ضرورة تحليل نشاط الكبار في المجتمع وصولا إلى صياغة للمنهج بحيث يتم إعداد الصغار لحياة هؤلاء الكبار فيما بعد. والملاحظ أن هذه الفترة اهتمت باستخدام العلم في حل مشكلات المنهج وأن وظيفة المنهج إعداد الصغار لحياة الكبار فيما بعد. وتحليل حياة الكبار لمعرفة المهارات والمعارف والاتجاهات واعتبار هذا مدخلا لتخطيط المنهج.
ثم ظهرت المدرسة التقدمية التي اهتمت بتربية الطفل واتجهت في بناء مناهجها ليكون الطفل بخصائصه مركزا ومحورا لتلك المناهج. وأصبح المحك الهام هو اهتمامات الطفل وحاجاته.
ثم ظهر اتجاه يركز على المجتمع. وخلال هذه المرحلة الأخيرة بدأت الصيحة بضرورة أن يشترك المعلم في المساهمة في صنع قرارات المنهج.
الفترة من 1950 وحتى الثمانينات من ق 20 :
من تلك الاجتهادات الفكرية في الخمسينات من ق 20 السعي لتحديد مهام نظرية المنهج والتي تحددت في:
1 تحديد العناصر اللازمة لتطوير المنهج.
2 تحديد العلاقات بين هذه العناصر.
3 التنبؤ بمستقبل عملية تطوير المنهج.
وقد تحدث الكتاب في التربية عن الأسس التي ينبغي النظر إليها عند بناء نظرية للمنهج وكانت هذه الأسس تدور حول الأهداف للعملية المدرسية، والخبرات التربوية التي تحقق هذه الأهداف، وكيف يمكن أن تنظم هذه الخبرات بشكل فعال؟ وكيف نحدد أن الأهداف قد تحققت أم لا؟
وقد رأى جورج بوشامب وهو أحد الذين كتبوا في مجال نظرية المنهج، ضرورة استعارة ما كتب في مجال بناء النظرية بوجه عام وتطبيقه على مجال المنهج ولذلك رأى ضرورة:
1 الاستخدام الدقيق للمصطلحات الفنية.
2 تصنيف المعرفة وتحليلها.
3 استخدام التنبؤ للوصول إلى التعميمات والقوانين.
بينما رأى آخرون أن الفلسفة كمجال يمكن أن تخدم بناء نظرية للمنهج عندما يكون هناك تبريراً للأهداف التعليمية، وتبريراً لاختيار وتنظيم المعرفة، والتعامل بدقة مع الألفاظ وما تثيره من مشكلات.
وعبر تطور الكتابات في مجال المناهج ظهر مدخل النظم الذي يحتوي على مدخلات ومحتوى ومخرجات ثم تغذية راجعة ولكن هذا المدخل رأى البعض أنه مقيد للجهود في بناء النظرية.
وظهرت أنماط من نظرية المنهج يمكن تلخيصها على النحو التالي:
·   نظرية المنهج (نظرية الحدث) وتقوم على تجميع الأحداث في إطار والقيام بالربط بينها، ورأى البعض أن المنهج يعتبر حدث من نظرية التعلم ولذلك اعتبرت نظرية المنهج نظرية فرعية من نظرية التعلم.
·        نظرية المنهج القيمي وركزت على المحتوى التعليمي من حيث قيمته وفائدته بالنسبة للطلاب.
·        نظرية المنهج العملي وركزت على الوسائل المطلوبة لتحقيق أهداف المنهج.
والمرحلة التالية اهتمت بدور التعريفات والنماذج في بناء النظرية وفي هذه المرحلة تم النظر إلى المنهج على أنه سلسلة من النواتج التعليمية المقصودة، وأن المنهج يقوم على الاختيار الجيد وجودة البناء، وهو يقود التعليم، ويتطلب تقويمه إعداد أدوات جيدة.
ولوضع نظرية جيدة للمنهج ينبغي مراعاة الآتي:
أولاً: أن تقوم النظرية على تحديد دقيق للمنهج بمعنى هل المنهج يشمل جميع العمل المدرسي؟
هل يشمل التدريس فقط.
هل تعلم التلاميذ جزء من المنهج؟
هل يجب أن يحتوي المنهج على أهداف معرفية، مهارية سلوكية، وجدانية أم على نوع واحد من تلك الأهداف.
هل يجب وضع خطة لتنفيذ المنهج وتقويمه؟
ثانياً: أن يتضح في نظرية المنهج مصدر صنع القرار بمعنى هل يوضع المنهج على أساس تحليل نشاط الكبار؟
هل يوضع المنهج على أساس التركيز على التراث الثقافي؟
هل يوضع المنهج على أساس ميول التلاميذ وحاجاتهم؟
هل يوضع المنهج بحيث يدور حول قضايا المجتمع ومشكلاته؟
هل يكون هناك تدخل من رجل السياسة في صنع قرارات المنهج.
ثالثاً: شكل تصميم المنهج. هل يصمم المنهج في شكل وثيقة مكتوبة يلتزم بها المعلمون؟
هل يصمم ليناسب مستوى دراسي معين؟
هل يصمم المنهج ليناسب بيئات محلية بعينها أم على المستوى المركزي؟
هل يصمم بطريقة منطقية أم سيكولوجية.
رابعاً: أن يتضح في نظرية المنهج المشاركون في صنع المنهج وكيفية تنفيذه. هل المعلمون أصحاب الحق في تخطيط المنهج؟
هل أصحاب التخصص الأكاديمي للمادة؟
هل أصحاب الخبرة التربوية؟
هل من حق المواطن (أي مواطن) الحق في تخطيط المنهج؟
ما هي الوسائل التي تحقق نجاح تنفيذ المنهج؟ هل اختبارات التحصيل أم المقاييس النفسية أم أساليب الملاحظة أم غير ذلك؟
هذه وغيرها تساؤلات ينبغي الإجابة عنها للوصول إلى نظرية جيدة للمنهج.



















Text Box: المعرفة ونـشوء النظرية
 

 


      يعتبر ق 19 فترة المخاض السوسيولوجي، بينما يعتبر ق 20 بفترة الازدهار السوسيولوجي. وكان من رعيل العلماء في ق 19 أوجست كونت وكارل ماركس وماكس فيبر واميل دوركايم وفلفريدو باريتو ، الذين قدموا إنجازات رائعة في حركة تطور النظرية الاجتماعية كان لآرائهم تأثيرا في النظرية التربوية النظرية في المنهج.
وكانت أفكار هؤلاء العلماء نبض لحس ق 19 من الناحية التاريخية، ومع ق 20 بدأت مصطلحات ومفاهيم مثل (الديمقراطية والبيروقراطية والرأسمالية والاغتراب والترشيد والطبقة والسلطة) تكتسب وجودها وقوتها التفسيرية في تطور الأحداث. لأن تلك المفاهيم ترتبط بأنساق فكرية كبرى وتعكس التحولات التي طرأت على المجتمع الأوروبي.
ويعتبر علم الاجتماع خلال ق 19 ظاهرة أوربية ثم ما لبث أن اتجه ليصبح ظاهرة أمريكية وبدأ يبعد عن الفلسفة والتاريخ ويوثق صلته بعلم النفس والبيولوجيا. ويرى البعض أن هذه النقلة تعتبر فترة أزمة بالنسبة لعلم الاجتماع ومن ثم كان لذلك تأثيره على التربية بصفة عامة ومجال المناهج بصفة خاصة.
ولعل اهتمام علم الاجتماع الأمريكي بمجال مثل علم النفس الاجتماعي، كان سببه زيادة الاهتمام بدراسة المشكلات الاجتماعية التي فرضت نفسها على المجتمع الأمريكي خلال ق20. وبدأ علم الاجتماع يبتعد عن القضايا السياسية العامة ليهتم بالدراسات الواقعية للقضايا والمشكلات بدءا من قضايا التكيف الاجتماعي إلى تخطيط المدن. ومن ثم تزايد الاهتمام بالتنظير خلال النصف الأول من ق 20.
وتفاوتت النظريات من النظرية الكبرى مثل نظرية بارسونز Parsons في النسق الاجتماعي إلى النظريات المحددة التي تتناول الجماعة.
وهناك علاقة بين علم الاجتماع وبين الأحياء والجغرافيا والاثنولوجيا وعلم النفس، من خلال نظريات سكانية - نظريات عن أشكال الجماعات - نظريات عن النظم الاجتماعية - نظريات عن الضبط الاجتماعي.
ودخلت النزعة البراجماتية في علم الاجتماع وعلم التربية خلال الأربعينات من ق20 وتزايد الاهتمام باستخدام الأساليب الإحصائية والصياغات الرياضية في قياس الظواهر الاجتماعية. وهذه هي الفترة التي حاولت أمريكا فيها تقريب دراسة الظواهر الاجتماعية من نموذج العلم الطبيعي وهو ما يمكن تسميته بالتحكم التجريبي في شئون المجتمع وإن كان موضوع مثل القيم الاجتماعية قد يستعصى على الدراسة الكمية، وهذا جعل علماء الاجتماع يهملون ويتجاهلون موضوع القيم الاجتماعية. ومن ثم الدخول في مرحلة مفهوم الحياد الأخلاقي الذي تكلم عنه دوركايم، وفيبر.
ونتج عن هذا الوضع تفسيرات متنوعة فمثلا تذهب نظريات اجتماعية في تفسيرها للجريمة بأنها نتاج للبناء الطبقي، أو بأنها نتاج لعوامل أسرية وسيكولوجية وبيئية، أو أنه انحراف عن المعايير الاجتماعية، أو أنه له علاقة بالصحة العقلية.
ويسعى عالم الاجتماع نحو صياغة نظرية اجتماعية قادرة على توليد حلول اجتماعية للمشكلات الإنسانية.
* البحث في طبيعة النظرية الاجتماعية
كلما مضى الوقت وتراكمت المعرفة العلمية ازدادت النظريات ثراءاً ورسوخاً وتكاملاً. والباحث عن النظرية الاجتماعية أو النظرية التربوية أو حتى نظرية المنهج المدرسي يجد حشداً هائلاً من الآراء المختلفة والمتضاربة وتكون أصعب مهمة أن يبحث عن نقاط الالتقاء أو الاتفاق بين العلماء.
وهذا الاختلاف موجود حتى في أكثر المصطلحات عمومية مثل مصطلح "مجتمع" الذي له عشرات التعريفات في علم الاجتماع وفي التربية.
وقد كتب عالم الاجتماع الأمريكي روبرت مرتون يقول "يوجد في الولايات المتحدة أكثر من خمسة آلاف عالم اجتماع ولكل منهم علم الاجتماع الخاص به. فلا يوجد علم اجتماع واحد ولكن هناك علم اجتماع أمريكي وعلم اجتماع صيني وآخر روسي وهكذا.
والحقيقة أنه في مجال العلوم الطبيعية كالفيزياء أو الكيمياء توجد نظرية واحدة على مستوى عال من التجريد ولكن الوصول إلى مرحلة النضج هذه في العلوم الطبيعية لم يأتي من فراغ ولكن من مرور بمراحل من الصراع بين النظريات بعضها وبعض. وهذه المرحلة الأخيرة هي حال علم الاجتماع وعلم التربية فليس هناك اتفاق حول المصطلحات أو القضايا المتجانسة. ولكن هناك من يقول أن الاختلاف بين علماء الاجتماع أو علماء التربية آخذ في النقصان.
و المُلفت للنظر هنا اتفاق المراجع المتخصصة التي تبحث في النظرية في علم الاجتماع على مشكلة تعريف المفاهيم والتي تعتبر هي المادة الأولية في بناء أي نظرية. وهذه أول صعوبة يواجهها الدارس في مجال النظرية الاجتماعية وكذلك تعدد النظريات.
ولذلك يمكن أن نقول أن الصعوبات في النظرية والبحث فيها يتجلى في:
1-       صعوبة ومشكلة تعريف المفاهيم.
2-       صعوبة تصنيف النظريات أو مسمياتها أو حتى الاتفاق على أسس تصنيفها.
3-       صعوبة الاختلاف في أسس تقييم النظريات الاجتماعية فكل اتجاه نظري يضع أسساً لتقييم النظرية الاجتماعية.
4-       صعوبة من يعمل في الكتابة في مجال النظرية الاجتماعية.


Text Box: المعرفة العلمية وأشكالها


المعرفة عبارة عن نسق من المعاني والمعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات الفكريــــة التي يكونها الإنسان عن أي جانب من الجوانب الخاصة بالكون الذي يعيش فيه.
ويعد الواقع Reality هو مصدر المعرفة سواءً كان هذا الواقع طبيعي أو بيئي أو اجتماعي.
وأول أنواع المعرفة، هي تلك "المعرفة العلمية" وهي تلك التي نشأت من خلال محاولات الإنسان السيطرة على الطبيعة بجوانبها الفيزيقية والاجتماعية.
والنوع الثاني من المعرفة هي "المعرفة غير العلمية" فيتمثل في المعرفة الميتافيزيقية التي تفسر ظاهرات الكون. والنوع الثالث من المعرفة هي "المعرفة الأدبية والفنية" التي تسعى الأخيرة إلى تحقيق مشاعر إنسانية معينة أو يستمد الإنسان منها بعض المشاعر كالجمال مثلاً.
والمعرفة العلمية يستخدم معها المنهج العلمي والذي يتصف بالخصائص الآتية:-
( 1 ) الاعتماد على الأدلة  Facts وصفاتها:
* الدقة Accuracy
* التحديد  Precision
* التسجيل الدقيق
* الموضوعية.

( 2 ) التسليم بمبدأ الحتمية:
حيث يُسلم المنهج العلمي بأن جميع مظاهر الكون نتاج لعمليات أو أحداث طبيعية أي اكتشاف العلاقات بين الظاهرة التي يدرسها العلماء وبين ما سبقها من أحداث أدت إلى وقوعها.
 ( 3 ) التسليم بترابط ووحدة ظاهرات الطبيعة:
جميع ظاهرات الكون مترابطة ومتفاعلة مع بعضها وعلى الإنسان أن يبحث في الكشف عن طبيعة هذا الترابط والتفاعل والتوصل إلى القوانين التي تحكمه.
( 4 ) التسليم بأن هناك درجة من الاستمرارية أو الثبات النسبي والانتظام في ظاهرات الكون.
*  عناصر المعرفة العلمية وطبيعتها
1 ملاحظات منظمة دقيقة وموضوعية لوقائع في الكون.
2 إجراءات تستخدم في إجراء الملاحظات مثل القياس والتجربة.
3 استنتاجات عامة تبين العلاقات الترابطية والسببية بينها.
فالمعرفة العلمية تختلف عن المعرفة التي يحصلها الناس العاديين في حياتهم وتجاربهم اليومية.
أما المعرفة الميتافيزيقية والفنية والأدبية لا تزيد عن كونها تأملات فكرية لا تستند على ملاحظات منظمة ودقيقة وموضوعية.
وتتكون المعرفة العلمية من              معرفة حسية عيانية Concrete تعتمد على الحواس
                                                معرفة عقلية مجردة Abstract تعتمد على العقل
ومن خلال تفاعل كل من المعرفة الحسية والمعرفة العقلية تتقدم المعرفة وتتطور.
والإحساسات حين تصل إلى المخ يحولها المخ من إحساسات إلى مدركات أي إضفاء معنى على مجموعة معينة من الإحساسات المباشرة وقد يتم استعادة هذه المدركات في المخ مرة أخرى وتسمى أفكارا ideas .
ولكن المهم أن المعرفة الحسية لا توصلنا إلى جوهر الأشياء الداخلية مثال إدراك ضوء منبعث من لبمة كهرباء لا يكفي لكي نعرف أن هذا الضوء منبعث من سيل من الإلكترونات تتحرك بسرعة معينة. ويعتمد العلم على الجانب الحسي في جمع المعلومات الموضوعية عن الظاهرات.
أما المعرفة العقلية المجردة فيتصف بها الإنسان دون غيره من الكائنات الحية وذلك لما يتمتع به من جهاز عصبي معقد ومتطور. ويعتمد التفكير عند الإنسان على الرموز Symbols والتي هي عبارة عن أفكار. وتتدرج الرموز من الرموز البسيطة إلى الرموز المعقـــــــــــدة (مثال رمز سيارة رمز وسائل النقل). وتعرف هذه الرموز بالمفاهيم Concepts التي تعتمد على عمليتي التحليل والتركيب، وكلها نتاج للتفكير العقلي.
*  أشكال المعرفة العقلية المجردة
( 1 ) الأحكام أو القضايا
وهي عبارة عن تقريرات أو تعبيرات عن أشياء تم ملاحظتها:
مثال: كلما ارتفعنا عن سطح البحر تقل درجة الحرارة.
مثال: توجد أشكال مختلفة لأنظمة الحكم في المجتمعات (الاستبدادية، الديمقراطية، الديكتاتورية).
( 2 ) الفـروض
تقرير عن علاقة محتملة بين ظاهرتين أو أكثر أو حدثين أو أكثر وهو يستند على ملاحظات سابقة.
( 3 ) القانـون
وهو  عبارة عن علاقة ثابتة بين متغيرين وهو مثل الفرض يتضمن نوعاً من التعميم ومن أنواع القوانين: القوانين النوعية أو الجزئية ـ والقوانين العامة مثل تلك المتعلقة بمجموعة كبيرة من الظاهرات، القوانين الكلية أو الشمولية مثل المتعلقة بالكون.
( 4 ) النظريــة
هي نسق من المعرفة المعممة تفسر جوانب الواقع، وهي أعلى درجة من التجريد والتعميم في العلم. وتفسر النظرية القوانين وتفسر الأخيرة الوقائع Facts التي تم ملاحظتها.
ويرى بعض الثقاة أن أبعاد النظرية ثلاثة هي:
أ -  الشكل أو البناء المنطقي.
ب المضمون أي التعميمات.
جـ الافتراضات.
وتتكون كل نظرية من مجموعة من القضايا.

*  من وظائف النظرية في العلم

(1)   النظرية ترشد عملية التطبيق والتنفيذ.
(2)   تحدد أوجه النقص في المعرفة العلمية وتلخصها وتنظمها.
(3)   التنبؤ بالوقائع (إذا لم نترك مسافة بين قضبان السكك الحديدية فإنها سوف تتقوس) لأن المعادن تتمدد بالحرارة.
(4)   تُلخص الوقائع وبدون عملية التلخيص والتنظيم يصعب الإلمام بمكتشفات العلم.
(5)   تقدم إطار تصوري يسترشد به العالم عند جمعه للحقائق.
وتتضح الوحدة العضوية بين النظرية أو المعرفة العقلية من جهة والمعرفة الحسية من جهة أخرى في العلوم الطبيعية أكثر منها في العلوم الاجتماعية فما زالت العلوم الاجتماعية تعاني من الانفصال بين النظرية من جهة وبين المعرفة العقلية والمعرفة الحسية من جهة أخرى.














المعرفة الحسية والمعرفة العقلية

منذ ق 16 و ق 17 وجه فلاسفة العصر الحديث اهتمامهم بنظرية المعرفة وظهور الميتافيزيقا وتجاوز حدود المعرفة الإنسانية في بعض الأحيان.
والاهتمام بالمعرفة الإنسانية كان من الموضوعات المهمة في الفلسفة اليونانية منذ هيراقليطس وسقراط. لقد وجد أرسطو غالبية الناس يعتقدون أن حواسهم هي وسيلتهم إلى المعرفة، ولذلك اهتم بدراسة طبيعة الحواس ولكنه أكد قصورها ومحدوديتها ولذلك اهتم بالعقل لأنه المميز للإنسان عن الحيوان. فالحيوان يشاهد كما يشاهد الإنسان، لكن الإنسان وحده القادر على تنظيم مشاهداته والاستفادة منها في تكوين بناء متكامل للمعرفةعن هذا العالم من خلال القدرات العقلية.
ونظرا لاهتمام أرسطو بالعقل الإنساني أسس علم المنطق واهتم بتأسيس نظرية في العلم تستند على دعائم أربع هي:
1 التعريف
2 القياس
3 الاستقراء
4 العلية (السببية).
تعتبر نظرية المعرفة من المباحث الفلسفية القديمة وكتب عنها الفيلسوف والمربي جون لوك في نهاية ق 17. وهناك علاقة بين نظرية المعرفة والنظريات الفلسفية الأخرى ومنها النظريات عن الوجود. ولكن ثمة تعريفات كثيرة للمعرفة فهناك من ربطها بتحصيل العلم والعمليات العقلية أو هي فرعا من علم النفس لها علاقة بعمليات مثل:             الإحساس
الإدراك
التذكر
التخيل
الانتباه
التفكير
ولكن هي أيضا (المعرفة) لها علاقة بمشكلة الذات والموضوع وتطور العلم. البعض رآها مبحثاً نفسياً والبعض رآها مبحثاً منطقياً والبعض نظر إليها على أنها مبحث مستقل يدخل في إطاره التفرقة بين المحسوس وما هو خارج دائرة المحسوس. أي بين ما يدخل في دائرة التجربة وما يخرج عنها وتبحث في التمييز بين ما يدركه العقل إدراكاً بديهيا فطرياً وبين ما يتم اكتسابه عن طريق التجربة. كما تبحث نظرية المعرفة في التمييز بين المعلومات الذاتية والمعلومات الموضوعية. وتبحث كذلك في موضوع الوجود والتغيير.
ويرى بعض الفلاسفة أن المعرفة التي تأتي عن طريق الحواس (البصر السمع الشم والمذاق واللمس) عرضة للخطأ ولكن المعرفة التي تأتي عن طريق العقل فهذه هي الآلة الماهرة التي تقودنا نحو الحقيقة كما سماها البعض من الكتاب.
والإدراك الحسي عند أرسطو مجرد إنفعال وهو في نظره شئ متغير allowsis وفعال energeia في إدراك الواقع الفعلي، ويرى التأمل noesis قوة فعالة حقيقية.
والخلاصة أنه يؤمن بالنمو التدريجي للمعرفة من الانطباعات الحسية إلى المبادئ والقواعد العامة، والمهم أن أرسطو قد ميز بين المعرفة وبين الميتافيزيقا، ولكن أي الجانبين كان أسبق في وجوده عند أرسطو فهذا صعب أن نجزم به.
ويتضح مما سبق في الحديث عن نظرية المعرفة عند أرسطو كيف أن بناء النظرية يساهم بشكل أو بآخر في تنمية المعرفة باستمرار.


* أهمية المعرفة الحسية
يوجد لدى أرسطو شغف بالمعرفة الحسية عن العالم الخارجي الذي يعيش فيه الإنسان. وبذلك أفسح أرسطو المجال نحو التجربة وتكلم عن الإدراك الحسي حيث قال أن الإحساس يتولد في النفس من خلال توسط البدن أي بتوسط الأعضاء الحسية. ويرتبط الإحساس بالرغبة والمشيئة (أو الإرادة) ((البصر والمرئى، السمع والصوت، الشم والرائحة، الذوق والطعم، اللمس والملموس، التمييز بين الكيفيات الحسية)).
وهناك من يرى أن مركز الإحساس أو الحواس هو المخ والعقل.
وهناك من يرى أن مركز الإحساس أو الحواس هو القلب.
وهناك من يرى بعض مراكز الحواس في الرأس والبعض يراها خارج الرأس.
* أهمية المعرفة العقلية
يرتبط العقل بعمليتي الوعي والفهم والعلة الغائية وهو يعتبر الملكة التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان. والإنسان يعيش لكي يفكر ولكي يتعلم وهي الغاية من وجوده من وجهة نظر الفلاسفة. وترتبط أفعال العقل بالبدن.
" إن وجود الجسد إنما يكون من أجل وجود النفس"
والنفس في بعض الأحيان عاقلة وفي البعض الآخر غير عاقلة.
والنفس في علاقتها بالجسد مثل علاقة الملاح بالسفينة.
( العقل والإدراك العقلي)     (والحس والإدراك الحسي)
(القلب مقر العقل، والمخ يخدم العقل بتأثيره في القلب) إذا هناك إدراك حسي وهناك إدراك عقلي.

* النظرية في الرياضيات:
مرت الرياضيات في تاريخها بأزمات استوجبت إعادة النظر في الأسس التي تقوم عليها. ولعل أولى هذه الأزمات ما شهدته الهندسة في عصر الفيثاغوريين وعقيدتهم الكونية التي تجعل الأعداد الصحيحة أساس كل شئ. ولكن اكتشفوا أن هذه المسلمة غير صحيحة. وظلت هذه الأزمة حتى جاء يودوكسس (408 355 ق.م) ووضع تعريفه للتناسب، ودخلت الهندسة عصرا جديدا هو ما سمي بعصر الهندسة الإقليدية وظهور كتاب إقليدس الشهير "المبادئ".
ثم دخلت الرياضيات في أزمة أخرى استوجبت إعادة النظر في الرياضيات وكذلك المنطق الذي تقوم عليه الرياضيات وفي اللغة التي تصاغ من خلالها.
ومن هذه المشكلات:
( أ ) مشكلة الصدق
والصدق عكس الكذب وكل منهما صفة من صفات الجُمَلْ أو بعض الجمل والجمل الإنشائية لا توصف بالصدق أو الكذب، ولكن الجمل الإخبارية ذات المعنى يمكن أن توصف بالصدق أو الكذب وليس بالاثنين معاً.
لكل س ، توجد ص ، بحيث ( س = ص + ص )
هل الجملة السابقة صادقة هذا يتوقف على الإطار الذي نفسرها فيه (الأعداد الطبيعية والأعداد الكسرية).
( ب ) مشكلة البرهان
فكرة إقامة البراهين على مسلمات هي فكرة قديمة ترجع إلى عصر إقليدس:
المقدمات                 التالية                    الاستنتاج
من ( أ           ب )  ،   أ   ينتج  ب
المقدمات أ  و  ( أ               ب )
التالية فهي  ب
وبالتالي ظهرت المسلمات المنطقية.
 (جـ) النظريـات
المفاهيم والتعريفات السابقة تزيل الغموض الذي يكتنف مفهوم "النظرية".
فالمسلمات الإضافية هي أقرب إلى الفروض.
وينبغي أن يتوفر في المسلمات :
                                        1- خاصية الاتساق
                                        2- خاصية الفعالية
وتفقد النظرية جدواها إذا لم يتوفر لها الاتساق والفعالية ومن أمثلة ذلك نظرية الأعداد الطبيعية للعالم جودل:
صفر ،  1 ،  2 ،  3 جمعها وضربها:

وعلى هذا نلاحظ أن النظرية تتكون من              رموز
ومسلمات
وفروض
لغة معينة
مفاهيم
استنتاجات
وهذا ينطبق على النظريات في العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية مثل "نظريات تركيب الذرة من جسيمات أولية".
"نظرية تركيب بعض الجسيمات الأولية مما يسمى بالكوارك".
"نظريات تحول المادة إلى طاقة".
" نظرية النسبية".
كما يمكن القول أن عدم التحدد تعتبر خاصة موضوعية من خواص موضوع المعرفة وتوصل جودل عالم الرياضيات إلى ذلك. ويقال أن نتيجة جودل هذه زعزعت اليقين في الرياضيات والنتيجة اليقينية (الرياضيات الحدسية الرياضيات البنائية)، وفسر جودل ذلك بأن الكون لا نهائي والكون آخذ في الاتساع.
















النظرية وممارسة المنهج

إن فكرة المنهج ليست جديدة تماماً، على الرغم أن طريقة فهمنا والتنظير لهذه الفكرة ظل لفترة طويلة وحتى الآن محل اهتمام ودراسة.
ويشتــق مصطلح منهج من الكلمة اليونانية حلبات السباق Racing chariot currere.
ونقطة البداية ينبغي أن تكون في التعريف الذي قدمه جـــــون كير John Kerr وطوره فيما بعده فيك كيلي Vic Kelly.
وقد عرف جون كير المنهج بأنه (كل التعلم المخطط والموجه بواسطة المدرسة) سواء تم في مجموعات أو في شكل تعلم فردي داخل أو خارج المدرسة.
وقد يقودنا ما سبق ذكره إلى ملمحين هامين هما:-
( 1 ) أن التعلم يخطط ويوجه
بمعنى أنه علينا أن نحدد تحديدا مسبقاً عما نبحث عنه لنحققه وكيف نصل إليه.
( 2 ) يشير التعريف للعملية المدرسية
إن تقديرنا لنظرية المنهج أو ممارسة داخل المدرسة والفصول ينبثق في المدرسة.
وسوف نعرض تباعاً أربع طرق لتحقيق النظرية أو الممارسة للمنهج:
( أ ) المنهج كأساس للمعرفة المنقولة.
( ب) المنهج كمحاولة لتحقيق نهايات مرددة أو نواتج لدى الطلاب.
( ج ) المنهج كعملية Process.
( د) المنهج كتطبيق Praxis.
أنه يبدو من المفيد في هذا السياق، الأخذ في الاعتبار هذه الطرق الأربع للوصول إلى نظرية المنهج وممارسة في ضوء تضيف المعرفة لأرسطو Aristotle إلى ثلاثة أنظمة عرفية:
المعرفة النظرية Theoritical
المعرفة الإنتاجية Productive
المعرفة العملية Practical






المعرفة الإنتاجية
 

المعرفة العملية
 

المعرفة النظرية
 
 



وهنا يمكن لنا أن نرى الارتباطات الواضحة بين المنهج كأساس للمعرفة المنقولة وهذا يأتي في المقدمة وهو ما ينظر إليه كلاسيكيا (المبادئ – العملية – التطبيق) The canon; the process and praxis كنماذج ترتبط بالتفسيرات أو الشروح العملية.
وما يرتبط بالجانب الفني بالمخرجات أو النموذج الإنتاجي يعكس بصدق الخصائص الأوسطية.
المنهــــــج كمقرر مطلوب نقله: Curriculum as a syllalus to be transmitted
كثير من الأفراد لا يزال ينظر إلى المنهج على أنه مرادف لمصطلح منهج ومصطلح مقرر مأخوذ عن الأصل اليوناني على الرغم من الغموض الذي لحق عملية استخدامه نتيجة للكتابات القديمة.
والحقيقة أن مصطلح مقرر يشير إلى قائمة رؤوس الموضوعات المكتوبة تفصيلا discourse أي المحتوى المعالج.
ويرتبط المقـــرر بالامتحـــــان، ولكـــن ليــــس بالضرورة يشير مصطلح مقرر إلى الأهمية النسبية للموضوعات أو ترتيب تلك الموضوعات المطلوب دراستها.
وهذا الاتجاه الذي يتبنى المنهج كمرادف للمقرر يرى في المدخل التقليدي للكتاب المدرسي، الترتيب المناسب للمحتوى أو الترتيب المنطقي للمادة.
وهذه النظرة للمنهج على أنه مرادف للمقرر يؤدي إلى قصر عملية التخطيط على المحتوى أو المعرفة المنقولة.
المنهج كنواتج Curriculum as product
عادة ما ينظر إلى التربية على أنها تدريب فنـــــي Technical exercise نحدد الأهداف، نضع الخطة، نطبق الخطة، ثم المخرجات أو النواتج المقاسة.
خلال النصف الثاني من السبعينات وظهور التربية المهنية والكفايات وفي الثمانينات والتسعينات من ق 20 ظهر المنهج القومي.
لقد ساهمت أعمال وكتابات اثنين من الكتاب الأمريكان المشهورين فرانكلين بوبيت Franklin Bobbitt ورالف تايلور Ralph W. Tyler في تطور الفهم عن المنهم حيث كتب فرانكلين بوبيت عن المنهج فقال "النظرية المركزية للمنهج تبدو بسيطة ، فالحياة الإنسانية تتكون من مجموعة من الأنشطة الآداءات محددة. إن التربية التي تعد للحياة هي ذاتها التي تعد لأنشطة محددة. وهذا يتطلب الغوص في الشئون الدولية لاكتشاف مكونات هذه الشئون وإظهار القدرات، الاتجاهات، العادات، التقديرات وأشكال المعرفة التي يحتاجها الإنسان الفرد. وهذه تعد أهداف المنهج.
ويصبح بذلك المنهج عبارة عن سلسلة من الخبرات التي ينبغي أن تكون لدى الأطفال والشباب من خلال تحقيق هذه الأهداف.
هذه الطريقة في النظر إلى المنهج كنظرية وممارسة قد تأثرت بتطور التفكير الإداري والممارسة ومفهوم الإدارة العلميــــة Scientific management وحركة الكفايات وتحليل المهام والمهن.
لقد فقدت المدرسة التقدمية في التربية وفي المناهج كثير من الزخم مع بداية الخمسينات من ق20 في الولايات المتحدة، ومنذ هذا الوقت بدأت أعمال رالف تايلور Ralph W. Tyler والتي وضعت بصماتها على نظرية المنهج والممارسة.
واعتمدت نظرية رالف تايلور في المناهج على أربعة أسئلة أساسية هي:
1-      ما الأغراض التربوية التي ينبغي على المدرسة البحث عنها لتحقيقها؟
2-      ما الخبرات التربوية التي يمكن تزويدها بهدف تحقيق هذه الأغراض؟
3-      كيف يمكن تنظيم تلك الخبرات التربوية بفاعلية؟
4-      كيف يمكن لنا أن نحدد أو نقرر إذا ما كانت تلك الأغراض قد تحققت؟
وقد أكد فرانكلين بوبيت على أهمية تحقيق الأهداف وارتباطها بالتغيرات في سلوك الطلاب. وعليه يمكن ترتيب تلك الاعتبارات وجوانب الأهمية السابق ذكرها على النحو التالي:
·        الخطوة الأولى تشخيص الحاجات.
·        الخطوة الثانية صياغة الأهداف.
·        الخطوة الثالثة اختيار المحتوى.
·        الخطوة الرابعة تنظيم المحتوى.
·        الخطوة الخامسة اختيار خبرات التعلم.
·        الخطوة السادسة تنظيم خبرات التعلم.
·        الخطوة السابعة تحديد جوانب التقويم وطرق وسائل هذا التقويم.
ومما سبق يعتبر مدخل لنظرية المنهج وممارسته.
وعلى ذلك قد يمكن النظر إلى المنهج على أنه برنامج من الأنشطة (بواسطة المعلمين والطلاب) صمم لتحقيق أهداف أو نواتج محددة، ولكن المشكلة هنا تكمن في أن هذا البرنامج يوجد قبل وكذلك خارج خبرات التعلم. وهذا قد يأخذنا بعيدا عن المتعلم وعليه فكأننا نقول للطلاب ما ينبغي عليهم أن يتعلموه وكيف يتعلموه. وهذه الحالة تشبه المنهج القومي في انجلترا National curriculum، وهذا من شأنه أن يحول المربين Educators إلى فنيين Technicians بمعنى أنهم يصممون البرامج الخاصة بالمنهج بعيدا عن المدرسة وحجرات الفصول.
النقطة الثالثة بشأن هذا المدخل السالف الذكر من النظرية والممارسة للمنهج، تتحدد في وجود مشكلة عند اختبار ما يفعله حقيقة المربين في حجرات الفصول حيث يتبين نقص التأثير للممارسة التربوية للأهداف.
والمشكلة لا تكمن في مدخل الأهداف ولكن ما ورثه بعض المعلمين والمربين من خلال عملية النقل التربوي بين الثقافات والدول.
النقطة الرابعة أن هناك عوامل ليست مرتبطة بالأهداف المحددة وتدخل في إطار النتائج غير المتوقعة من خلال أنماط التفاعل الحادثة بين المعلم وطلابه.
والحقيقة أن الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي كان له أبلغ الأثر في مدخل الأهداف أو نموذج الأهداف الذي تحدثنا عنه آنفا في نظرية المنهج أو ممارسته.
إن مدخل الأهداف في نظرية المنهج يؤكد على المبررات أكثر من تأكيده على وصف النتائج وهذا في حد ذاته اعتبره البعض من بين المشكلات التي قد تنشأ من تطبيق نظام المحاسبية في مجال التربية.
المنهج كعملية: Curriculum as Process
لقد تبين لنا مما تم عرضه في الصفحات السابقة أن النموذج الذي أطلق عليه اسم "المنهج كمنتـــــــج curriculum as product" اعتمد اعتمادا كبيرا على الأهداف السلوكية. فالمنهج أساساً عبارة عن وثيقة للتطبيق.
من الطرق الأخرى في النظر إلى المنهج كنظرية أو ممارسة، طريقة (المنهج كعملية). وفي هذا الإطار لا ينظر إلى المنهج على أنه شئ مادي ولكن المنهج عبارة عن التفاعل بين المعلم والطالب والمعرفة. وبمعنى آخر هو ما يحدث بالفعل في حجرة الفصل وما يفعله الأفراد للإعداد والتقويم. وما لدينا في هذا النموذج المسمى (المنهج كعملية) مجموعة من العناصر المتفاعلة وهي عملية نشطة ترتبط بما أطلق عليه آنفا المعرفة العملية لأرسطو Aristotle.
وعادة ما يعمل المعلمين في مدارس ويكون لديهم القدرة على التفكير الناقد، وفهم أدوارهم وتوقعات الآخرين منهم، وإن لديهم ما يقدموه من مبادئ وملامح المنتج التربوي. وعلى هدي هذه الأمور يقوم المعلمون بتشجيع المناقشات بين ومع الطلاب ويكون المخرج في هذه الحالة عبارة عن تفكير وسلوك Thinking and action.
والمعلمون باستمرار يقومون بعملية التقويم لما قد يروه من نواتج تعلم. والحقيقة أن طبيعة المدارس وكذلك معتقدات المعلمين وخبراتهم وثقافتهم المجتمعية تؤثر بشكل كبير في عمل المنهج. وهذا ما يدفعنا للقول بأن المنهج يكتسب فعاليته من خلال التطبيق والممارسة في المدرسة والفصول.
وقد يكون من المفيد لطلابنا في الدراسات العليا والمهتمين أن نعرض شكل يوضح الخريطة العقلية لتصميم المنهج وموقع كل من الأبعاد المؤثرة في هذا التصميم في رؤية شاملة قبل الاستمرار في مناقشة نظرية المنهج.



















(خريطة عقلية لتصميم المنهج)








وفيما يلي نعرض للعناصر التي يتضمنها تصور لخريطة عقلية لتصميم المنهج:
( 1 ) استراتيجيات التقييم:
·        مقدمة.
·        بروفيل التقييم.
·        تقييم متنوع ومختلف.
·        محك للتقييم.
( 2 ) التحكم أو الاستقلال:
·        مقدمـة.
·        من يتحكم؟
·        الاستراتيجيات.
·        التدريس، وقت الدراسة.
( 3 ) نماذج المنهج:
·        مقدمــة.
·        النموذج المعتمد على المادة.
·        النموذج المعتمد على الأهداف.
·        النموذج التعبيري.
·        النموذج المعتمد على المشكلة.
( 4 ) القدرة على التوظيف:
·        مقدمــة.
·        التعلم مدى الحياة.
·        العمل بعد التخرج.
·        خبرة العمل.
·        المهـارات.
·        خطة المهارات.
( 5 ) إطار عمل مؤسسي :
·        مقدمــة.
·        النموذج المهيمن أو المسيطر,
·        القضايا الخاصة بالمصادر.
·        التغـير.
( 6 ) نظريات التعلم.
( 7 ) مستويات التحصيل:
·        مقدمــة.
·        ضد المعايير أو عدم مراعاة المعايير.
·        مراعاة المعايير.
·        الأطر الخاصة بالمعايير.
نظرية المنهج كما يراها وليم بينار  Pinar W.
في مقال بعنوان "السؤال المتعلق بنظرية المنهج" وكاتبه دينيس كارلسون Dennis Carlson عام (2005) تناول فيه آراء وليام بينار Pinar W. وتصوره عند نظرية المنهج وذلك في مجلسة الجمعية الأمريكية لدراسات المناهج المتقدمة (JAAACS).
إن نظرية المنهج في عبارة قصيرة تعني دراسة فروع المعرفة المكونة الخبرة التربوية. ونظرية المنهج يعتبر مجال مميز وفريد له تاريخ وحاضر معقد ومستقبل غير محدد المعالم.
ومن الأمور الهامة أن مجال نظرية المنهج يتأثر بمجالات أخرى مثل الأدب، العلوم الإنسانية، النظرية الاجتماعية وكذلك نظرية التحليل النفسي التي أولاها بينار Pinar W. اهتمامه وبدرجة أقل العلوم الاجتماعية.
إن مجال نظرية المنهج هو مجال نقدي بمعنى خضوعه للعقل، والعقل دوماً خاصة أن هناك بعض الآراء التي تتناول مجال نظرية المنهج قد تنحرف عن نهر العقل الذي يعد أعدل الأشياء قسمة بيد البشر.
وما أجدرنا أن نرجع إلى التراث وآراء الكتاب نستلهم منه ما يفيدنا في فهم مجال نظرية المنهج. وعلى الرغم أن هذا المجال الأخير لازال يعتبر نقديا إلا أنه لم يستقر بعد ولازال في مرحلة نضال وصراع لإثبات مكانه بين علوم المعرفة الأخرى.
وإذا انتقلنا إلى مصطلح منهج Curriculum نجد أنه يعتبره البعض بمثابة محادثة أو حديث معقد Conversation ولكنه يرتبط بدراسات الثقافة culture studies وبالسياسة politics، فهو يمكن أن يُفسر ويفهم من خلال عقالته بالاجتماع والفلسفة والبيداجوجيا والسياسة وعلم النفس وفروع معرفية أخرى عديدة وذلك بسبب جوانبه النظرية الفلسفية أو أبعاده العملية في تنفيذه داخل حجرات الفصول بالمدارس.
ولقد تأثرت حركة إصلاح المنهج في الولايات المتحدة الأمريكية (على سبيل المثال) بأيديولوجية الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي (السابق) كما كانت توجد اهتمامات ثقافية وعرقية بين البيض والزنوج والصراع الكامن بين تركيبتين مختلفتين في العادات والتقاليد والموروث الثقافي والمعرفي والأيولوجي والشخصية والمعتقدات وكذلك السلوك والتصرفات. وساعد ذلك كله على بزوغ مفاهيم مثل الديمقراطية وإعادة البنائية والحرب المدنية والحرية والحقوق المدنية.
وقد ترعرعت الفلسفة البراجماتية في المجتمع الأمريكي والتي تؤمن بقيمة العمل الحر والقيم البيروقراطية بحيث ظهرت لبراجماتية الوسائلية في الثقافة الأمريكية وكذلك في المدارس العامة.
وكان لفكر وليم جيمس البرجماتي ذات الطبيعة العلمية الوسائلية تأثيره على التعليم الأمريكي والمدارس، تلك الفلسفة التي ارتبطت بعلم النفس الفردي ودور الفرد في التغيير وعملية النقل الاجتماعي والعودة إلى الخبرة التي ارتبطت بحركة إعادة المفاهيمية في نظرية المنهج.
وتمتد جذور الفلسفة البراجماتية إلى قيم العمل الحر business valves أكثر من أي شئ آخر. هذه الفلسفة البراجماتية ترتبط أيضا بإنتاجية المدرسة والنظرة إلى النواتج أو المخرجات وفكرة المحاسبية accountability والمعايير standards.
لقد أعلت الفلسفة البراجماتية استخدام تكنولوجيا الكمبيوتر في حجرة الفصل وفي برامج التعلم الفردي وتدريب الطلاب ومن ناحية أخرى تدريب المعلمين على مهارات الإدارة الفنية لعملية البرمجة وإعداد البرامج.
وارتبط ما سبق ذكره بما سمي بثقافة الضبط والتحكم في اجتياز الفضاء cyperspace وفكـــرة الاتصال المتبادل reciprocal communication والذكاء الجمعـــي collective intelligence والتي وردت في كتابات بيير ليفي Pierre Levy عام (2001).
وقد أثر ما سبق على مفهوم المنهج وعملية تنفيذه في المدرسة وكونه عملية نشطة. وهذا مادعانا بصعوبة الفصل بين المنهج والبيداجوجيا أو حتى التعلم Learning أو الوضع التاريخي لعمليــة التعلـــــم وفـــــن التدريـــــس Historical situatedness of the educative process and teaching act.
إن المنهج هو البيداجوجيا والعكس صحيح. والمنهج عبارة عن جُماع كل من المعلم والطالب والنص Text في زمن ومكان معين، يعكسون في ذلك شخصياتهم (أنفسهم) وثقافتهم.
ومن وجهة نظرية كريستوفـــــــــر لاشي Christopher Lasch (1978) عن النرجسية (حب الذات) والذي ناقش فيها الإطار العام للحياة المدرسية وكيف يصبح منعزلاً في تفاعله مع العالم الذاتي للخبرة وكيف يصبح عمل المعلم معقدا ومركباً وصعباً.
هذه المحاور من النقاش السابق تقودنا إلى أن مجال نظرية المنهج (من وجهة نظر وليام بينار) لا تعتمد على علم أكاديمي بعينه فنظرية المنهج لا تنتج وقد لا يترتب عليها معرفة منطقية حقيقية صحيحة ومفيدة. ولكن نظرية المنهج قد تبدو مفيدة لتدريب المعلمين وعن طريق مراجعة النظرية نستدل على طبيعة الممارسات التعليمية داخل الفصول في المدارس.
ومجال النقد في نظرية المنهج تعبر عن الحركة لا السكون، وتعبر عن التجديد لا التقليد، تعبر عن الثورة لا الجمود.
ولذلك ليس من المغالاة إن قلنا أن نظرية المنهج حديث يأخذنا إلى عمق المجتمع (أي مجتمع)، ويأخذنا للحديث عما يسمى الداخل insider والخارج outsider.
وقد ضُرب مثل هنا بالكاتب المتخصص في الأدب الإنجليزي إدوارد سعيد الأمريكي الجنسية والمولد والفلسطيني الأصل والذي كتب كثيرا عن الموروث الأوربي الاستعماري ولم تسيطر عليه تماما ثقافة الغرب (الأوروبي والأمريكي) رغم أنه ابنها ووليدها ولكن جذوره الفلسطينية كان لها أثرها في توجيه فكره (insider-outsider).
ولقد نظر وليم بينار Pinar W. إلى ميدان المناهج كمجال ثقافي ورأى أن على المعلمين في التعليم العام أو في الجامعة ضرورة معرفة أرضية للنظرية أعمق للتدريس والتعلم. كما اهتم بنظرية التحليل النفسي وبعض المفاهيم المرتبطة بها مثل مفهوم الرغبة desire ومفهوم الخيال fantasy ومفهوم السلوك الاجتماعي أو الفعل الاجتماعــــــــي social action واستعار في ذلك الكثير من لابلا شي Laplachy وبنتاليس Pontalis (1973). وارتأى أن المعلمين أحيانا يُرجعون بعض متاعبهم للآخرين وعليه فهم ضحايا لعوامل وأسباب وأمور ليسوا هم سببها وهذا النوع من الشعور بلغة التحليل النفسي أطلق عليه بعض المختصين في علم النفس مصطلح Ressentiment (البغض أو الكراهية بسبب الآخر).
وبناء على ما سبق يمكن أن نقول أن فهم نظرية التحليل النفسي ونقدها قد يساعد على إدراك وتفسير ظروف عمل المعلم.
وتتطلب نظرية المنهج دراسة السيرة الذاتية autobiography (أي قصة الكاتب التي يكتبها بنفسه أو يكتبها آخر عنه)، دراسة التاريخ History، والنظرية الاجتماعية social theory، كما تتطلب نظرية المنهج دراسة جادة لنظرية التحليل النفسي Psychoanalytic theory.
وهكذا قدم ويليام بينـــــــــار Pinar W. توضحاً لدور نظرية التحليل النفسي في علاقتها بنظرية المنهج والحدود التي تفصل النظرية عن الممارسة وتقديم أسئلة من إجابات. وذلك كله يؤكد العمق في نظرية المنهج ودراستها وارتباطها بالمجتمع والثقافة والأدب والسياسة والعلاقات الدولية ولا نكون مغالين إن قلنا وعلاقتها كذلك بالأمن القومي والإقليمي والعالم "ومايؤكد ذلك فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق، مفهوم الثقافة المسيطرة عالميا، الغرب والشرق وكيف يرى كل منهما الآخر... إلخ".














 
هذا الكتاب
تستقي الأنظمة التعليمية مقومات ديناميكيتها من النظريات والنماذج ومن الممارسات التربوية في المدارس والفصول الدراسية. ومادامت تلك النماذج الفكرية تتعرض للتغيير والتطوير أو حتى عدم الصلاحية، فهذا من شأنه أن يؤدي لإعادة النظر في النظم التعليمية.
ومما لا ريب فيه أن العقل التربوي العربي يواجه أزمة حقيقية بسبب عوامل وقوى التغيير داخل مجتمعاته كاستجابة لرياح التغيير العالمية.
هذا الوضع استوجب تزايد قيمة العامل الإنساني البشري المسئول عن تشكيل الأطر والمفاهيم الجديدة والمسئول كذلك على خلق الفكر الفلسفي والتربوي لتوجيه نظم التعليم ومؤسساته.
ويضم هذا الكتاب بين دفتيه عددا من القضايا من بينها النظرية الاجتماعية والتربوية ومفاهيم المنهج المدرسي وبعض نماذج التدريس والمنهج. ويتضمن عرضاً للتحديات البيداجوجية والمجتمعية والتكنولوجية والعلمية التي تواجه من يعمل أو يهتم بالنظرية والنموذج.
وكذلك دور الأخلاق والضمير والوجدان الإنسان في تحقيق الاتساق والتوازن في المنهج وفي شخصية المتعلم.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar